يشك العديد في هذه الإمكانية لأن الوفرة المعلوماتية والكثافة التواصلية قد تؤديان أيضا إلى فوضى تواصلية حيث الجميع يتحدث. يمكن الحديث هنا عن مفارقة. فالإنترنت التي أضحىت عند البعض الساحة التي ستموت فيها الصحافة بعد خسارة مواجهاتها مع الأشكال التعبيرية والتواصلية الجديدة ستكون أيضا المجال الذي تبتكر فيها الصحافة من جديد.
يتخيّل مايكل شودسن في كتابه "سلطة الصحافة" سيناريو تطوّر تاريخي تموت فيه الصحافة ثم تعود للحياة من جديد تتمثل مرحلته الأولى في اندثار الصحافة تحت وطأة الوفرة المعلوماتية وإمكانية وصول المواطن-الناشر للمعلومات مباشرة من الكمبيوتر.
ولكن ما الذي سيحدث حين لن يصبح الصحفي ضروريا ؟ ستنشأ حسب مايكل شودسن عن هذه الوفرة المعلوماتية فوضى تدفع بالجمهور إلى المطالبة بسلطة ما تفرز المعلومات التي ستنهمر عليه. سيتساءل المواطنون ما هي المعلومات الجيدة والأكثر أهمية ودلالة، كما أنهم سيطالبون المساعدة لتأويل الأخبار وتفسير الأحداث.
وعلى هذا النحو تبدو الحاجة إلى الصحافة أكيدة لأنها المؤسّسة الوحيدة القادرة على تنظيم الأخبار وتبويبها وتصنيفها وعرضها بشكل يمكن تلقيها. هكذا تبقى الصحافة مؤسسة اجتماعية ضرورية في المجتمعات الديمقراطية.
"الميديا الجديدة"، المنشورات الجامعية بمنوبة، ص 103