د. الصادق الحمامي، مؤسس ورئيس تحرير البوابة العربية لعلوم الإعلام والاتصال
للتواصل
www.arabmediastudies.net
هل نحن بحاجة إلى البوابة ؟ قد يستغرب البعض من وجاهة السؤال. أليست البوابة فضاء يفتح أفاقا رحبة للتواصل والمعرفة المشتركة بين الباحثين. ولكن السؤال، رغم القناعة بأن الإنترنت وسيلة أساسية للباحث، يبقى ضروريا لأنه يحيل إلى قدرتنا الفردية والجماعية على إستبطان قيم الشبكة والإرتقاء بهذا الفضاء الجماعي من مستوى العرض إلى مستوى التواصل، والمشاركة والتعاون. يقوم البحث العلمي على التواصل كقيمة أساسية. فالمارسة العلمية جماعية أو لا تكون. يقول إبن رشد "وإذا كان ما ظهر لي لا يفسّر كل شيء فقد يكون منطلقا لتفسير أكمل. ولهذا أطلب من الأصحاب الذي سيقرؤون هذا الكتاب أن يطرحوا أسئلتهم كتابة، لأنه قد نجد الحقيقة بهذه الطريقة، إذا لم أكن قد صادفتها بعد، كما يخيل إليّ فإن أسئلتهم ستساعدني على توضيحها أكثر."
يكشف هنا إبن رشد عن البعد التواصلي للعقل تماما كما تقر بذلك الإبستيمولوجيا الحديثة. فهل نحن على هذا الطريق وهل نحن قادرون على الفعل الجماعي أم سنبقى ذوات منعزلة تبحر في فضاء إفتراضي نقتات داخله مما يبدعه الآخرون.
بلغ عمر البوابة أكثر من أربع سنوات.
وإذا نظرنا إلى تجربة البوابة القصيرة\الطويلة يمكن القول إنّها ناجحة وفاشلة في الوقت ذاته.من جهة النجاح حاولت البوابة أن تتجاوز حالة الانعزال والفردانيّة التي يتسم بها حقل علوم الإعلام والاتصال في العالم العربي، إذ لا يزال الباحثون والمؤسسات الأكاديمية يعملون خارج منطق التشبيك في زمن تحوّلت فيه الشبكة إلى شرط ضروري للوجود. ويمكن تبيّن حالة العزلة
الفردية والجماعيّة هذه في المظاهر التالية :
-ندرة المجلات المتخصصة ومحدودية سريانها الورقي والإلكتروني وعدم انتظام دوريتها -ندرة المؤتمرات العلمية المتخصصة.
-غياب إطار جمعياتي يجمع الباحثين العرب، على عكس التجارب الأوروبية والأمريكية
-غياب شبكة تعاونية تجمع المؤسسات الأكاديمية العربية في مجال علوم الإعلام والاتصال (أقسام، معاهد، كليات) على عكس المؤسسات الفرنكفورية المجتمعة في إطار شبكة نشطة (Théophraste)
في سياق يغلب فيه منطق الانقطاع على منطق الاتصال وفي حقل علمي نذر نفسه للبحث في العلاقات والشبكات والتبادل، حاولت البوابة إرساء فضاء تعاوني يعرّف بالباحثين وبإنتاجاتهم ويتيح متابعة أخبار الإصدارات والمؤتمرات والبحوث.... في محاولة لتجاوز ثقافة التجاهل المتبادل، الفردي والمؤسساتي. كما حاولت البوابة أن تكون فضاء لمساعدة الباحثين وخاصّة الشبان منهم للنفاذ إلى الإنتاج البحثي العربي المتخصّص في سياق يتسم بصعوبات سريان الكتاب والمجلات المتخصصة (إن صدرت) خارج إطار المعارض.
قد نكون أنجزنا البعض من أهداف مشروع البوابة التي جمعت أكثر من 45 باحثا نشروا قرابة 100 بحث إطّلع عليها قرابة الثلاثين ألف زائر.... لكننا لم نرتق بالتأكيد بالبوابة إلى المنزلة التي كنا نصبوا إليها في البدء.
فقد تجاهلتنا العديد من المؤسسات التي توجهنا إليها بحثا عن دعم نؤسس بفضله فضاء علميا ديناميكيا يتميز بالاستمرارية والشمولية، إذ كنا نرنو لتطوير البوابة وتطبيقاتها ولإطلاق مجلة علمية إلكترونية محكّمة تتيح للباحثين العرب آلية جديدة للنشر والانتشار.
ظلّت البوابة تعمل بطاقة محدودة وتنمو ببطء شديد في انتظار سياق جديد يثمّن الفعل الجماعي والثقافي والعلمي تتحول فيه إلى فضاء ينشط فيه الباحثون للنشر والنقاش والتبادل والتعارف بعيدا عن النرجسية والمنفعية والمصلحيّة.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire